خطة طوارئ محكمة مكّنت مصرف المزارع التجاري من النجاة من براثن الحرب، وتحقيق نسبة النمو الأعلى بين المصارف
تم استبدال العملة من فئتي 500 و1000 جنيه، أواخر العام الماضي، ما هو الهدف من هذه العملية، وكيف واكبت المصارف هذا التغير؟
تم استبدال العملة المحلية أواخر العام 2024، بقرار من البنك المركزي السوداني، وفي البداية كان لا بدّ من أن يودع الناس أموالهم من النسخة القديمة من النقود في المصارف ضمن فترة زمنية محددة ويتم بعدها الصرف لهم بالعملة الجديدة. هذه العملية خلقت نوعاً من الضغط على المصارف حيث كانت السيولة النقدية الجديدة محدودة والطلب عليها مرتفع، وقد ساهمت تطبيقات الدفع الالكتروني بحلّ هذه الأزمة نوعاً ما، الا أن هذه العملية تحتاج الى فترة زمنية حتى تصبح متداولة أكثر وأكثر بين الناس.
كان الهدف الرئيسي من عملية تبديل العملة:
- السيطرة على الكتلة النقدية التي شهدت انفلاتات كبيرة، بسبب انتشار عملات من فئتي الـ 1000 و500 جنيه مجهولة المصدر، أدت إلى زيادة السيولة النقدية وأثرت سلباً على استقرار الأسعار، حيث ويؤدي ارتفاع المعروض النقدي داخل الأسواق بشكل مبالغ فيه، إلى تراجع قيمة العملة في السوق المحلية وزيادة التضخم وارتفاعأسعار السلع.
- تشجيع تبني سياسة الدفع الإلكتروني التي أطلقتها الحكومة بالتعاون مع وزارة المالية والبنك المركزي والمصارف السودانية التي بدأت بتطوير تطبيقات الدفع التي يمكن من خلالها دفع المشتريات العامة إضافة الى دفع الفواتير والرسوم والضرائب الحكومية عبر خاصية برنامج خدمات "إيصالي" الذي يتم من خلاله تحصيل إيرادات الدولة، وهذ الخاصية موجودة في تطبيقات البنوك المختلفة، علما أن التطبيق الخاص بمصرف المزارع التجاري هو تطبيق "مصرفك". في البداية كان هناك 5 مصارف ومنها مصرف المزارع التجاري تستقبل مدفوعات الفواتير الحكومية عبر "إيصالي"، وهنا كان لا بدّ من تحويل حسابات وزارة المالية الى هذه المصارف، وبعد 48 ساعة تحولها المصارف الى حساب وزارة المالية في البنك المركزي. الآن بدأت العديد من المصارف الأخرى بتطوير تطبيقات الهواتف الذكية لديها للمشاركة بهذه العملية، حيث أن إيرادات الدولة كثيرة ويجب أن تستفيد منها أغلب المصارف، علماً أن الدولة حصرت استيفاء رسومها عبر هذه التطبيقات.
في وقت تأثر عدد كبير من المصارف بالحرب الأخيرة التي طالت الخرطوم، استطاع مصرف المزارع التجاري أن ينجو بشكل كبير وأن يستمرّ بتقديم خدماته دون انقطاع وأن يحقق نمواً ملحوظاً، كيف تفسرون ذلك؟
عند انطلاق شرارة الحرب، أظهرنا مرونة فائقة في التعامل مع الأزمة، وانتقلنا مباشرة من الخرطوم إلى مدينة ود مدني، حيث كانت خوادم الكمبيوتر الاحتياطية (Disaster Recovery Servers)موجودة هناك، وأضفنا اليها خوادم جديدة استقدمناها من دبي لتعزيز البنية التحتية الإلترونية لدينا، وربطناها بجميع الفروع التي بقيت مستمرّة بالعمل. وهنا لا بدّ أن نذكر أننا نمتلك سحابة بيانات Data Cloudلتحميل كافة بيانات البنك عليها،وذلك بالتعاون معشركة الخدمات المالية العربية - AFS في البحرين، والتي لدى البنك مساهمة جيدة فيها.
بعد الإنتقال الى ود مدني استفدنا من فترة عيد الفطر التي أتت مباشرة على أعقاب غزو المتمردين للخرطوم لترتيب أوضاعنا، وبذلك تمكنا من الإنطلاق بعد العيد مباشرة ومتابعة العمل بكل سلاسة ويسر، دون انقطاع أو أي مشاكل تذكر. وعندما بدأت الأزمة تشتعل في ود مدني، تحركنا بسرعة فائقة وفككنا جميع الأجهزة وحملنا السيولة وانتقلنا بها إلى فرعنا في مدينة دامر ومن بعدها إلى فرع بورتسودان الذي حولناه الى فرع رئيسي للبنك.
وبينما كنا منهمكين بترتيب أوضاعنا وتنفيذ خطة الطوارئ، لم يكن العدد الأكبر من المصارف محصناً بخطة تعافي سريعة، حيث كانت مراكز البيانات الإحتياطية لها داخل الخرطوم وكان من الصعوب تخليصها، وحتى المراكز خارج الخرطوم لم تكن جاهزة للإستعمال مباشرة، وبالتالي اضطرت هذه المصارف لتوقيف خدماتها لفترة ليست بقصيرة، وتكبّدت خسائر فادحة.
اليوم مع عودة ملامح الاستقرار الى الخرطوم، نخطط للعودة التدريجية إلى المركز الرئيسي والفروع التي سنعمل على ترميمها وتجهيزها، على أن نعمل في البداية بطاقم صغير لتقليل التكاليف، وسنظل نعتمد على فرع بورتسودان كمركز تشغيل أساسي، بسبب تمركز المصدرين في هذه المنطقة.
ما هي أبرز النتائج التي حققها مصرف المزارع التجاري في الفترة الأخيرة؟
رغم الحرب حقق مصرف المزارع التجاري نتائج مبهرة بسبب السياسات الحكيمة وخطط الطوارئ التي اعتمدها للخروج من الأزمة، ومن أبرز المؤشرات التي تمّ تحقيقها:
- ارتفاع إجمالي الأصول من حوالي 83.5 مليون جنيه سوداني في 2022 الى 152.5 مليون في 2023، و254.5 مليون جنيه في 2024.
- ارتفاع إجمالي الودائع من حوالي الـ 69 مليون جنيه الى 95،5 الى 185.5 في الفترات نفسها.
- ارتفاع إجمالي الإستثمار من حوالي 40.5 مليون جنيه الى 69.5 مليون الى 94 مليون جنيه سوداني مقارنة بين 2022 و2023 و2024.
- ارتفاع حقوق الملكية من حوالي 6.1 الى 39 الى 47.5 مليون جنيه سوداني وذلك أيضاً خلال الأعوام 2022 و2023 و2024.
- إخفاض التكاليف التشغيلية بسبب تقليص عدد الفروع والموظفين.
- وحتى الربع الأول من 2025 فإن كافة مؤشرات البنك هي أيضاً في نمو مستمرّ.
وبذلك كنّا من بين أفضل المصارف السودانية من ناحية النمو وربما الأفضل، رغم الحرب التي أجبرتنا على العمل بأقل من 50% الكوادر البشرية وعدد الفروع، الا أننا استطعنا أن نغطي هذا النقص بفضل مركزية نظامنا المصرفي، بحيث يمكن فتح ملفات أي زبون من أي فرع كان وتقديم الخدمة له بكل سهولة ويسر. من ناحية أخرى أنشأنا وحدة مركزية للنظر بطلبات العملاء من مختلف الفروع، وخاصةً للعملاء من أصحاب الشركات، وقد ساهمت هذه الوحدة في الإستجابة لطلبات العملاء بصورة كبيرة.
ما هي أبرز المشاريع الزراعية التي ساهم مصرف المزارع التجاري بدعمها وتمويلها؟
مصرف المزارع لديه التزام كبير بتمويل الزراعة بشقيها المطري والمروي.
- في القطاع المطري: مولنا مشاريع كبيرة جداً، والحمد لله الموسم الأخير غنياً وإنتاجه عالي جداً لم نشهد مثله منذ سنوات، حتى أنه حصل فائض في انتاج الحبوب، واليوم تبحث المنظمات العالمية مع الدولة في إمكانية شراء هذه المحاصيل لإغاثة دول أخرى.
- في القطاع المروي: كانت تمويلاتنا واسعة أيضاً خصوصاً تمويل القمح بصورة رئيسية ولصغار المزارعين.
ومن المشاريع الاستراتيجية التي موّلناها أيضاً:
- مصانع السكر، حيث ساهمنا في استقرار هذه السلعة، والمواد المستخرجة منها.
- الجمعيات التعاونية والنسوية التي تهتم بزراعة الفول السوداني.
- كما نُخطط لتطوير عمل هذه الجمعيات من خلال تمويل نموذج إنتاج متكامل يقوم على:
- تمويل بقرتين لكل فرد من الجمعية
- تجميع الحليب المنتج
- إنشاء مصنع صغير لإنتاج الأجبان
- تسويق المنتجات محلياً وربما تصديرها مستقبلاً
- يمكن للجمعية دفع التمويلات من خلال الأرباح.