بنك الجزيرة السوداني الأردني هو نموذج يحتذى به في إدارة الأزمات في القطاع المصرفي السوداني
القطاع المصرفي السوداني: تحديات الحرب وآفاق النهوض المرتقب
عاش السودان تحت وطأة أتون حرب ضروس، القت بظلالها القاتمة على مختلف القطاعات الاقتصادية بالبلاد، ولم يسلم منها القطاع المصرفي بل كان من أكثر القطاعات تضرراً، حيث يواجه اليوم تحديات جسيمة لم يشهد لها مثيلاً. فمع توقف عجلة الإنتاج وتلاشي معالم المنشآت التجارية والصناعية تحت وطأة القصف والتدمير، ارتفعت حدة الديون المتعثرة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي ٥٠٪ من التمويلات قد أصبحت غير قابلة للاسترداد.
هذا الارتفاع في حجم الديون ينضم إلى جوقة التحديات التي تكبدتها البنوك، بدءًا من هشاشة البنية التحتية المالية، مرورًا بتضرر الأنظمة التقنية التي كانت شريان العمليات المصرفية، وصولًا إلى تآكل قاعدة رأس المال ومعظم اصول المؤسسات المالية. هذه العوامل تعتبر أهم مهدد للقطاع المصرفي السوداني، وتضعه أمام مفترق طرق وجودي، يستدعي نفض الغبار واتخاذ إجراءات جراحية عاجلة لضمان بقائه قادرًا على الاضطلاع بدوره في مرحلة التعافي الاقتصادي القادمة.
وسط هذا المشهد، يسطع نجم بنك الجزيرة السوداني الأردني كمنارة صمود ونموذج يحتذى به، بفضل رؤية قيادته المستنيرة وخطط استمرارية الأعمال المحكمة والموضوعة بعناية، والتي تتضمن تعزيز بنيته التحتية التقنية بوجود موقع رديف فعال وآمن، علاوة على انتشاره المدروس في ربوع ولايات عدة، استطاع البنك أن يحافظ على استمرارية تقديم خدماته المصرفية لعملائه منذ اليوم الأول للحرب حيث كان هذا الاستعداد المسبق والتحوط الواعي بمثابة طوق النجاة الذي أنقذ البنك في بحر الفوضى، ليظل شامخًا يقدم خدماته، بخلاف غالبية المصارف الأخرى التي اضطرت تحت وطأة الظروف القاهرة إلى تعليق عملياتها بشكل كلي أو جزئي.
مرافئ النجاة بعد العاصفة:
خارطة طريق لإنعاش القطاع المصرفي
والحرب في خواتيمها فإن تجاوز هذه المحنة العصيبة وإعادة بناء صرح مصرفي متين وقادر على خدمة تطلعات الاقتصاد الوطني يتطلب تبني حزمة من الحلول الطموحة والاستراتيجيات البناءة. ويمكن إيجاز أبرز هذه المبادرات في النقاط التالية:
* التحول الرقمي كطوق نجاة: يمثل التحول الرقمي ضرورة ملحّة لتعويض الفاقد من الفروع المصرفية التي طالتها يد الحرب وتوسيع مظلة الوصول إلى الخدمات المالية لتشمل أرجاء البلاد. يتعين على البنوك أن تسابق الزمن في تطوير خدماتها المصرفية عن بعد، وتقديم تطبيقات رقمية سلسة وآمنة تمكن العملاء من إنجاز معاملاتهم بيسر وأمان.
* ترسيخ دعائم الدفع الإلكتروني والمصرفية عبر الهاتف المحمول: لتيسير حركة الأموال وتقليل المخاطر المترتبة عن التعامل النقدي في هذا الظرف الدقيق، حيث قام البنك بتطوير تطبيق الموبايل المصرفي JB لتقديم الخدمات البنكية عبر الهاتف المحمول.
* توسيع نطاق الشمول المالي: عبر حث المواطنين على التعامل مع البنوك: وذلك عبر تبسيط الإجراءات وتقديم الحلول المبتكره بالاستفادة من التكنلوجيا للوصول للعملاء البعيدين عن فروع البنوك
* محاربة الأنشطة غير المشروعة: والالتزام بالحوكمة وتطبيق الضوابط المعيارية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لإعادة الاندماج في المنظومة المصرفية الدولية.
في الختام فإن الإدارة الحصيفة لبنك الجزيرة السوداني الأردني وحسن إدارتها للازمة وقيادتها الرشيدة، مكّنت البنك من تجاوز الظروف الصعبة بأقل الخسائر حيث اثبتت قدرتها الفائقة على التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الفعال مما جنب البنك مخاطر الانهيار والحافظ على استمرارية عملياته وخدماته. هذا النجاح يعكس رؤية ثاقبة والتزام راسخ تجاه العملاء والمساهمين ويعد نموذجاً يحتذى به في إدارة الأزمات في القطاع المصرفي السوداني.